آخر المشاركات

الخميس، 14 يناير 2016

نخلة!

نخلة!

هل اعتقدت يومًا أنك تستطيع التعامل مع جميع شعوب العالم داخل أكثر المجتمعات تحفظاً واستقلالية وفي اللحظة نفسها؟ في الواقع أنت تستطيع وفقًا للمثل الصيني القديم " تعلُّم القليل من كل كثير يضفي لحياتك مزيدًا من الحيوية" والتعلم صفة بشرية فطرية وفي هذه الأيام أصبح مفهوم واسع يشمل اكتساب العادات وتغيّرها بين فترة وأخرى تبعًا لما يسير اليه المجتمع من جوانب متعددة. وحتى لا أتفرع كثيرًا الأمر لا يحتاج أن تلبس تلك الملابس الشتوية السميكة في الدول الأسكندنافية أو تشرب عصير جوز الهند المنعش على شواطئ هاواي أو حتى أن تتناول أحد المأكولات الغريبة جدًا الموجودة في الصين والهند –ولو أنها جميعًا تجارب جديرة بالاهتمام- ولكن نحن نحتاج إلى تغيير عاداتنا اليومية وطبائعنا حتى نزيد من حيوية حياتنا بما أن تغيير الطبائع جزء من مفهوم التعلم الحديث!
بدايةً، أنت أمام خيارات واسعة بسبب تنوع واختلاف الثقافات حول العالم ومن منظور شخصي أجد أن أفضل روح يجب أن تنميها داخلك هي روح المثابرة والتحدي وعدم الاستسلام، وهي موجودة في الثقافة الصينية واليابانية بالذات منذ القدم وما زالت إلى الآن، وأعتقد أن القوانين الصارمة التي فرضها الحكام الصينيون واليابانيون على انفسهم قديمًا ناتجة عن هذه الصفة. لذلك حتى تستطيع أن تكسب المزيد من الطبائع الجيدة حاول قدر المستطاع أن تنمي روح المثابرة لديك لأنها الفانوس السحري الذي سيوصلك إلى بقية الطبائع، وما يؤكد هذا هو التقدم العجيب والسريع لدى اليابانيين والصينيين خلال فترة وجيزة رغم تقوقعهم على أنفسهم.
إلى دول الأمريكتين حيث القدرة العجيبة على التكيف مع ثقافات أخرى وتوفير أجواء هذه الثقافات بداخل الأمريكتين نفسها، ولا أحد يستطيع أن ينكر أن القدرة على التكيف والتعايش هي أحد الأسباب التي ساهمت في جعل اللغة الإنجليزية لغة العلم والعالم هذه الأيام وجعلت دول القارتين الأمريكيتين محل استقطاب للعلماء. هناك أماكن كثيرة ليس لديها هذه القدرة في دول القارتين ولكن كمنظور عام أغلب شعوبها متمكنة من التعايش وتقبل الآخرين. تذكر أنك دائمًا ستحتاج هذه القدرة لتسريع عملية التعلم في المجالات التي تتطلب عملًا جماعيًا أو تواصلًا مستمرًا مع الآخرين.
بريطانيا وألمانيا وأجزاء القارة الأروبية المختلفة تتسم بالجدية الشديدة وتقديس العمل كنتيجة واضحة ومباشرة لضراوة الحرب العالمية الثانية التي ولدت التنافس بين دول أوروبا مما أوصلهم إلى نقطة الجدية في العمل. في بيئة العمل، من المفترض أن نخلق هذه الجدية فهي مهمة لاستمرارية العمل دون التشديد وبتر روح المزاح والدعابة!
أما في الدول العربية، فأجد أن الصبر والحكمة حاضرة وبقوة منذ القدم –رغم صعوبة ملاحظتها مع الأوضاع السياسية الراهنة وتخبط المجتمعات العربية- واللغة العربية وثراؤها واتساعها دعمت هذا الشيء في عدة مواضع. ويكفيك فخرًا عزيزي القارئ هو وجود النخلة كرمز للصبر والنمو والتكيف مع البيئة الصحراوية القاسية. اتصافنا بالصبر والحكمة معناه أننا استطعنا أن نتكيف ونثابر وننمو بثبات كالنخلة!
ما زلت أتذكر عندما أوصاني جدي في الصغر أن أحافظ على النخلة ولا أقطعها لأستفيد منها مستقبلًا، كانت نظرتي لا تتجاوز الثمار، ولكني أدركت لاحقًا أنها رمز، وثقافة، وتاريخ!

اكتسابك لهذه الطبائع وتطبيقها في حياتك هو أحد أسرار النجاح الذي سيمكنك من مواجهة تقلبات المجتمع الثقافية والاجتماعية وظروف الحياة الصعبة التي تتطلب منك تغيير أسلوبك بالكامل، فهي صفات راسخة صنعت حضارات وما زالت تدعمها رغم اختلاف الجذري في كل شيء.
المزيد

الأحد، 29 نوفمبر 2015

مجتمع!

مجتمع!

خلال الأيام الماضية، والتي من المؤكد أنك شاهدت فيها مشاهد القتل والمجازر المؤلمة التي تحدث في أنحاء هذا "المجتمع الضخم" وليس العالم (في الواقع لم يعد هناك شيء اسمه عالم)، لا أستبعد أنك شعرت في كل لحظة فيها بكمية المشاعر السلبية والآلام التي تبث في كل لحظة عبر شاشات التلفاز والمواقع الاجتماعية أكثر من رؤية الصور أو اللقطات الدموية أو حتى قتل انسان بكل برود بطريقة تنفي وجوده ووجدانيته. دعني أُؤكد لك قبل أن أكمل الكتابة، بكل أسف، أن هذا المجتمع الضخم في حالة تدهور اجتماعي شديد.

بحثت اليوم عن معنى كلمة "مجتمع"، ماذا تعني هذه الكلمة؟ نعم هي تعني العلاقات والتعايش بين الناس في منطقة معينة، ولكني بالمقابل وجدت العشرات من كلمة "مجتمع افتراضي" متسائلًا هل مجتمعاتنا البشرية، الكتل الضخمة والعلاقات الكبيرة بين الناس، كلها مجرد افتراض أو بالأصح "وهم"؟ بدأت بالتفكر حينها كيف لذلك أن يكون صحيحًا رغم وجود العولمة والاتصال اللحظي والسريع بين أطراف العالم!

تنتشر في الآونة الأخيرة الكثير من المقالات التي تتذمر من مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة المختلفة وكيف أنها سلبت المجتمع من جمال العلاقات البشرية والعائلية، وحتى جمال الابداع في الهوايات والفنون المختلفة. ولكني هنا أتحدث عن خطر أكبر بكثير من انحسار التواصل الاجتماعي البشري والذي يكون في الأغلب عبارة عن مجموعة من الأحاديث الجانبية التي تضيع الوقت. إن هذا المجتمع الضخم أو العالم يعاني من مشاكل كبيرة تتفاقم مع مرور الأيام مثل الجوع والفقر، انتشار الأوبئة والأمراض، ازدياد الأمراض النفسية، المجازر البشرية، التفاوت الشديد في المستويات العلمية، الاستبداد والاستغلال، الخ.. ولكن المشكلة الكبرى هي أن الجزء المرفّه من البشرية (والذي يعيش داخل وهم "الطبقة الوسطى أو العادية") لا يعير أي ذرة اهتمام لهذه المشاكل! وبصورة أوضح، أين هو هذا "المجتمع الضخم" المليء بالعلاقات والمصاب بجنون العولمة في مساعدة الدول التي يموت فيها الآلاف من البشر يوميًا بسبب الجوع؟ أو حتى يسمح بتجربة العقارات والأدوية على بني جلدته كما حدث عند تجربة عقار شلل الأطفال في دول أفريقيا مما راح ضحيته الآلاف جراء ظهور مرض "الإيدز"؟ أين هو المجتمع الذي لا يوقف مهزلة الجماعات الأرهابية التي تقتل الأبرياء بسبب إيمانهم ومعتقداتهم كما هو الحال عند "داعش" أو في بورما؟ أين هو هذا المجتمع الذي امتلك كبرياء من العدم وعزل نفسه عن الجزء المتهالك من هذا العالم؟

بعد هذا لن يستطيع أي أحد أن يلومني إن شككت بوجود مجتمع أو أدركت أن ثقافة مسمى "مجتمعات" أصبحت وهم، طالما أن وسيلتنا الوحيدة لحل هذه المشاكل و مساعدة الشعوب التي تعاني منها هو "لايك" على "فيس بوك" و"ريتويت" في "تويتر"، وأحيانًا كثيرة ننشغل بـ "بودكاست" على "الواتساب" يحذرنا من العين والحسد والسحر وكيف تَسَبَبَت في قتل أحدهم والذي غالبًا يكون أحد الحمقى!

إن المجتمعات الإسلامية والمسلمون قديمًا، أدركوا أن من شكر النعم هي ضمان عموميتها على أفراد المجتمع نفسه دون عنصرية أو تمييز أو طبقات اجتماعية مزيفة، وتمسكوا بأسرار النجاح الاجتماعي الفائق، وهذا سبب لهم التفوق في جميع المجالات العلمية والروحانية والفنية، وحقق لهم فعليًا الارتقاء بالمجتمع الإسلامي في كافة الأصعدة (وليس كهدف عارض موجود على أوارق الخطط الخمسية أو المستقبلية فقط)، وأيضًا قام بحمايتهم من مشاكل اليوم الكبيرة.

هذا التفوق الاجتماعي كله يتحقق عن طريق ضمان جميع حقوق الفرد التي منحها الله له: (حق الحياة، والكرامة، الحرية والتعليم، والتملك، والعمل). والمعرفة بواجباتك وحقوقك مع: (والديك وأبنائك، زوجك، الأقارب، الفقراء والمساكين). وفي نظري يتحقق هذا النجاح الاجتماعي أيضًا من خلال "انصر أخاك ظالمًا أو مظلوما"، وبالإدراك بأن "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا".


المزيد

الجمعة، 7 مارس 2014

أرجوحة المساء !

أرجُوحَة المَسَاء
 
 
ذات مساء، وبينَ أوراقِ الشجر المتسَاقطة، كانَ ذلك الطفلُ -كلُّ مساء- يطير عاليًا على تلكَ الأرجوحةِ!
* ماذا لو كنتُ أستطيع الطيران مثل تلك الطيور؟
لا تستغرب أيها القارئ، آمال طفل ما زالَ على قيد الحياة، حياةُ الفطرة الإنسانية.
لم يفكّر يومًا أنه س
يترك المكان، والآمَال، وهذه الأرْجُوحة.
-

يَكبُر الطفلُ وتتلاشى الحروف التي نقشتها براءةُ الطفولة، وتطَايُر الأوراق.
لمْ يكن يحتاج يومًا لزيارة هذا المكان، الأرجوحة الصغيرة والأماني المتناثرة، ولكن..
أجْبَرته الأيام على البحث عن تلك المعاني الكبيرة التي زرَعها طِفْل في أرجوحة!
عادَ إلى ذلك المكان، وجلسَ على الأرجوحةِ كأنّهُ ما زال طفلًا، يحاول أن يستعيد تلك الأسئلة.
هو يدركْ أنّ نيوتن لم يكتشف الجاذبية إلا عندما تساءل: لماذا يسقط التفّاح؟
- رحلَ الرجل حاملًا القليل من أوراقه المبعثرة التي رسمها صغيرًا.

-

ها هو طفلٌ آخر يزور المكان! ويطير بالأرجوحة عاليًا كما كان يفعلُ ذلك الرجل..
* لماذا تصعدُ الأرجوحة وتهبط؟ لماذا لا تبقى في السماء؟
"سأجيبْ:
(لأن الحياةَ هكذا، تصعدُ وتهبط!)"
-

تستمرُ هذهِ القصة وتتكرر باستمرار الحياة،
وتستمر الأرجُوحة بحمل الآماني التي لم يسْتَطع حملها الإنسان.
 
-

يا منْ قرأتَ إلى النهايةِ: قل وداعًا لأرجوحَتِك الصغيرة!
المزيد
Blogger Template by Clairvo