تعلّمنا في الفيزياء من خلال قانون نيوتن الأول ، خاصية القصور الذاتي ، وهي خاصية مقاومة
الجسم لتغيّر حالته من السكون إلى الحركة أو العكس ، فأثناء وجودك داخل سيّارة بجانب السائق ،
وأقدم السائق على الإنطلاق فجأة بسرعة هائلة دون التدرج في زيادة سرعة المركبة ، ستلاحظ
أن جسدك يرجع إلى الخلف بشكل لا تلقائي ، وهذا المقصود نوعًا ما بالقصور الذاتي ..
سنخرج قليلًا من نطاق الفيزياء ، وسنتجه إلى ذاتك . تخيّل معي أنك لم تخرجْ من حدود مدينتك
أبدًا ، الطرق نفسها ، المنازل نفسها ، الأشخاص نفسهم ، وفي لحظة اجبرتَ على الهجرة منها
إلى بيئة جديدة كليًا ، أشخاص وثقافات لم ترى مثلها ، أمكنة جديدة ، في بادئ الأمر ستتضايق
نوعًا ما ولن تشعر بالإرتياح ، لكن مع الوقت ستتقبل هذه البيئة وستتعرّف على ثقافاتها ..
لاحظ معي أن المثال السابق يماثل تقريبًا خاصية القصور الذاتي ، فانطلاق السيارة ورجوعك إلى
الوراء ، كشعورك بالضيق عند اختلاف البيئة ، وفي كلا المثالين عدْت إلى حالتك الطبيعية
الأساسية ، الاختلاف الذي أريد توضيحه هو أن المثال الأول قد يحصل مع أي شخص مهما كان
الأساسية ، الاختلاف الذي أريد توضيحه هو أن المثال الأول قد يحصل مع أي شخص مهما كان
عمره أو هيأته ، أما في المثال الثاني الأمر مختلف ؛ لأن مقدار الضيق الذي ستشعر به سيحدده
مقدار قابليتك للتغيّر ، فقد تجد شخصًا لا يتضايق بشدة إنما سيأخذ الوضع بأريحيه تامة .
مقدار "القصور الذاتي" لديك ومقاومتك للتغيّر في شتى المجالات أنت من سيحددها ،
فحاول بقدر المستطاع أن تتقبّل أي تغيير طارئ ، حتى لا يصيبك الإحباط واليأس والضيق .
محمد علي الغامدي .
مثالٌ رائع جداً ، كعادتك جميل :)
ردحذف